الاثنين، 16 يوليو 2018

الشاعرة آمنة سعيد ازداغن
 تفتح لنا بوابة البوح على مصراعيها
من خلال عنوان يحيل على دلالة الممكن والممتنع ؛ وعلى دلالتي الثبوت والحدوث والتحول من حيث إن المصراعين مكونان من فعل واسم :(بيعت أحلامي ) الفعل يفيد دلالة الحدوث والتجدد لاختصاصه بالزمان ؛ والزمان خاضع للاستمرار ؛ والاسم كلمة تدل على معنى من غير اختصاص بالزمان ليدل على الثبوت ؛ ومن تم يأتي توظيف الاسم للدلالة على الحقيقة الثابتة الممكنة الوجود بالعلة ؛ الفعل بيع المبني للمجهول من باع يبيع أسند إليه نائب الفاعل (أحلام) المضاف إلى الضمير المتكلم (الشاعرة) (أحلام الشاعرة بيعت) العنوان يحيل على استفهام والاستفهام يفرض إشراك المتلقي في افتراض واقتراح مجموعة من الأجوبة ؛ والسؤال هو من باع أحلام الشاعرة ؟ ومن اشتراها ؟ والبيع والشراء يدخل في عالم التجارة ؛ وفي المعقول من الأمور ؛ يتم البيع للعيني الملموس المادي من السلع ؛  بثمن متفق عليه بين البائع والمشتري ؛ الأحلام المبيعة في العنوان ليست مادة ليست سلعة معروضة للبيع ؛ وإنما هي رؤى وصور مشوهة لأحداث في لاشعور الشاعرة ؛ وهي بمعنى آخر تفيد التطلعات والأهداف والرغبات والنوايا ؛ أي  أما تحلم به الشاعرة في اليقظة ، الأحلام المساهمة في اسعادها في حياتها المستقبلية ؛ إلا أن أحلامها بيعت ؛ ومن هنا ينزاح الفعل (باع) عن أداء المعنى الحقيقي للبيع المتدأول في الحقل التجاري ليدل على التلاشي والتبديد للأحلام واليأس والاضمحلال .
القصيدة في رمتها لائحة بأسماء مجردة ترتبط بالمشاعر والاحاسيس الجياشة  العاطفية (الشوق - الوحدة - الأحزان- الحب - العتاب - الظلم - الوعود - الجفاء - الوفاء - السلم - السلام الجمال - الغرام  - الغرام - الحيرة-  الدهاء) هذه الأسماء الدالة على معاني ثابتة غير مرتبطة بالزمان مسندة إلى أفعال تفيد الحدوث والتجدد منزاحة عن معانيها الحقيقية :(سلب الشوق - استولت الوحدة - جمد  الحب - أخذت شوقي  - فاتني الغرام ....) هذه الأسماء المجردة تتوزع بين الحاملة لقيم الفضائل وقيم الرذائل (ثنائيات ) الجفاء/الحب ؛ الغرام ؛ الهيام - الوفاء/الدهاء -العتاب/ الشوق - الحيرة/السلام ؛ الأحزان/السلم - الظلم / الوعد..) على مستوى الخصائص الجمالية المحدثة حسب القصيدة الحديثة وهي جمالية التشكيل بالتراث المجسدة في التشكيل بالتاريخ والأسطورة والدين والتراث الشعبي ؛ قد نجد فقط كلمات (الرهينة - القيود - سلب - استولت - سجنت - قضبان - ظلم - السلم - السلام ) ترتبط بتاريخ الحروب والسلم والسبي ) والصراع هنا بين رغبة النفس الحالمة والواقع المتحدي المتمرد ؛ بين الممكن والممتنع ؛ الذي يمثله المحبوب المتمرد تمردا مقصودا أو مرغما على التمرد بضغوط محتملة ، وهو الموجه إليه  الخطاب بضمير المخاطب الكاف ( تاه عني صوتك - وددت أن أسمعك -  وانت تحدق بمحياي - تحييني نظراتك - بماء وديانك ) وجمالية التشكيل باللون المتمثل في لون الليل الأسمر بدل الأسود قد يكون بصيص من النور جعل الظلمة سمراء ؛   اللون الأبيض المجسد بأزهار الفل والكستناء ؛ وجمالية الإيقاع والموسيقى تتجلى في وحدة الروي في بعض الأبيات: (  مني/ قلبي - القيود/الوعود - الجفاء/الوفاء - الغناء/الكستناء - نظراتك/وديانك - الهيام /الغرام - البكاء/ الدهاء ) وعلى المستوى الدلالي القصيدة تتضمن مفردات دالة على المكان (جدران - الأعماق - السجن - حدائق - وديان - حافة - فج - السماء - ) وهذه الأمكنة مزاحة عن دلالتها الحقيقية بعد تعالقها بمسندات مجردة (جدران الأحزان - سكن الحب في الأعماق - حدائق الغناء - بماء وديانك - حافة البكاء -  فج الحيرة - الشوق يتوه بين الاضلع ) قد يكون العنوان المناسب (أحلام ضائعة أو أشواق ضائعة ) تبقى القصيدة في النهاية بوحا بمشاعر واحاسيس عاطفية ممكنة بالعلة تجاه المحبوب تواجهها خيبة أمل لتتبدد الأحلام والأشواق . الشاعرة الأستاذة للا أمينة سعيد ازداغن كانت صريحة في بوحها بمشاعر مختزلة في أشواق وأحلام ضائعة اعتبرتها مبيعة في خفاء.

محمد المؤذن مؤسس ورئيس جمعية كازا بلانكا للتراث الشعبي ؛ والكاتب العام لجمعية أهل البشارة للثقافة والفن
-----------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق