عنوان الدراسة النقدية المستقطعة ( الموسيقى والإيقاع الداخلي في قصيدة ( غمغمة خافتة تؤرقني ...) / النص للشاعرة فوزية أحمد الفيلالي Fouzia Filali / الدراسة للناقد الأدبي / عبدالرحمن الصوفي /
===================================================
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الدور التي تلعبه القواعد التحويلية تدفعنا دفعا للتأمل في الكيفية التي تتطورداخله لغة النغم الإيقاعي / الموسيقى في النص الشعري المعنون ( غمغمة خافتة تؤرقني ...) للشاعرة فوزية أحمد الفيلالي ، فمن خلال مستوى البناء العميق ( الجمل الشعرية ) ، وما تحتويه الصور الشعرية من منظومات تحتية وتراكيب يغلب عليها الطابع النثري المموسق / النغم الإيقاعي ، فلقد بلغت طبعا المستوى الجمالي الظاهر المتمثل في البنية المموسقة ... ويثم الاقرارمن طرف العديد من الباحثين إلى أن ثمة أختلاف كبير ومهم بين لغتي الحديث والموسيقى ، فإذا كانت اللغة العادية تضطلع بوظيفتين إحداهما تستهدف إيصال المعلومات ، والأخرى تنشد التأثير الجمالي ، فإن لغة الموسيقى لا تملك سوى وظيفتها النغمية/ الجمالية ، وبالتالي فبنيتها السطحية لا تقبل أن تتساوى مع التراكيب / الظاهر للغة الكلام ، ويمكن القول بتعبير أدق أن جملة النثر تشكل جزءا من العمل الفني عند الشاعرة من حيث لا تختلف عن جملة / العبارة الموسيقية ، لذا أصبحت اللغة الشعرية عندها تتجاوز مستوى جملة النثر إلى صناعة القواعد التحويلية تتقمص العبارة الموسيقية الدور الجمالي . تقول الشاعرة في قصيدتها المعنونة ب ( غمغمة خافتة تؤرقني ..)
بين شرفات ظلي النائم
بنيت الأمل المنسوج
على حافة سجادة
زرعتها يوما بأشواقي
وحفنة الأمل
بين رئتين تتنفسان
هواء الروح
من الضروري التفريق في هذه الدراسة المستقطعة بين بنيتين سطحيتين تتغايران من جانب الوجهة الجمالية لكون التركيب اللفظي الظاهر أي جملة النثر يمكن تحويله إلى لغة فنية شعرية إيقاعية نغمية باتباع طرائق تحويلية معينة ، لكن الملاحظ أن الشاعرة تألقت في صناعة البنية السطحية للموسيقى التي تحولت فعلا إلى اللغة نتيجة خضوعها بالفعل للطرائق ذاتها ، ولتوضيح هذا الفارق أكثر نخلص إلى أن اللغة تحتوي على سلم نغمي وسلم ثاني موسيقي ، ففي قاع سلم اللغة تقبع كافة العناصر الأولية / وحداث المعرفة أي المادة الخام التي تعكس الإرادة الإبداعية التي تعتمد على مجموعة أفكار تنشأ منها البنية العميقة . وتأتي الموسيقى الداخلية من ذلك النغم المستثر المتخفي الذي تحسه النفس عند قراءة القصيدة النثرية ، فترتكس النفس بإحساسات متباينة ، فهناك نغم وجداني أحسنت فيه الشاعرة فيه تنضيد الكلمات وانسياب حروفها ، وبعدها عن التنافر ، يجري الإيقاع جريان نهر رقراق بدون عوائق أو كسور ...
جاء في نفس القصيدة ما يلي :
سأترك ثوبي المحشو بجسدي
ورأسي الممتد عبر مسافات عابرة
على خشبة مسرح الانكسار
أسافر بعيدا بين غمغماتي
في أفق حر بين سرب
حمام زاجل بلا قيود
إن جميع اللغات تشترك في فونيمات معينة تمثل وحدات الكلام الصغرى التي تنشأ عن التركيب الفيسيولوجي للفم والأنف والحنجرة ، ومادام الإنسان متوحد في هذه الأعضاء فإنه قادر على التلفظ بالمقطع الصوتي ( صورته الموسيقية ) ...الايقاع الموسيقي في نص الشاعرة فوزية فلالي تميز بالانسيابية والتنوع في الجمل الشعرية المموسقة ، جمل مبهرة ذات ترانيم ترتكز على التعدد الصوتي ، ونلاحظ في نهاية كل ترنيمة للجمل الموسيقية التقارب والتباعد ، والغرض هو سعي الشاعرة لبناء المعنى الذي يستريح على حرف واحد تختم به / الاستراحة الموسيقية .
أقف بين جمهور مخدر الرؤيا
ألتفت ورائي ..،أحدق في الطين
المحشو بين أصابع قدمي
المتشققتين استعمارا
أشم عبق أعشاب تربتي
إكليل جبل وزعتر
============================ خلاصة =================
المعنى الموسيقي العميق هو الجانب السحري الذي يذهب بنا بعيدا في دلالات رمزية ومعنوية عالية ، تثير في النفس خواطر كثيرة تجعل الناقد يشير إلى الأعمدة والرموز السيمائية التي يستشفها من خلال موجودات ومخبوءات كل نص أو جنس أدبي ، وكلما أصبح المعنى الموسيقي محسوسا كلما كان النص ناجحا ( مقاييس الشعر ) ...
======================= القصيدة ==========================
عنوان النص..
....
غمغمغة خافتة تؤرقني
.....
بين شرفات ظلي النائم
ينبت الأمل المنسوج
على حافتي سجادة
زرعتها يوما بأشواقي
وحفنة أمل...
بين رئتين تتنفسان
هواء الروح
يولد كل يوم نبض جديد
يهز أركان مدينة الغمام
يجري بين إضاءات متخفية
فوق رؤوس أقلام مبعثرة
بين ماض بفستان الكبرياء
وحاضرمغترب فوق أرض
فقدت جاذبية نيوتن
خارج مجرة شمسية
وخطوط طول وعرض
التفاحة انتحرت أشلاء
تتدحرج ذاكرتي ككرة حمقاء الرغبة
رواية بلا عنوان
تتشابك خيوط أبطالها
بين سطور المؤلف
و حكي جون جاك روسو
العابرة المحيطات بين أروقة
كتب أعجمية
سأترك ثوبي المحشو بجسدي
ورأسي الممتد عبر مسافات عابرة
على خشبة مسرح الانكسار
أسافر بعيدا بين غمغماتي
في أفق حر بين سرب
حمام زاجل بلا قيود
في قوائم النعاج سلاسل
تربك حركة الطريق السيار
سأنطلق فوق عربة المدى
أهبط دون أن يدنو مني كل من رآني
أقف بين جمهور مخدر الرؤيا
ألتفت ورائي ...أحدق في الطين
المحشو بين أصابع قدمي
المتشققتين استعمارا
أشم عبق أعشاب تربتي
اكليل جبل وزعتر
صوت بداخلي يؤرقني
يغرفني رشفة
غيمة سادجة...
سراجا يذبل...
على كفي عفريت
يتحول كحرباء تاهت
في غابة غمرتها
سيول دموع بدم.
بقلمي فوزية أحمد الفيلالي
....المغرب..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق