الأربعاء، 27 يونيو 2018

الدراسة المستقطعة من اعداد.عبد الرحمن الصوفي

========= الدراسة المستقطعة من إعداد : عبدالرحمن الصوفي ====================================================

لابد أن نوضح في البداية أن الدراسة المستقطعة هي وحيدة المدخل في منهجيتي المتعددة المداخل في الدراسة المتكاملة والتي تكون قراءة للتجربة في شموليتها ، ونسمي الدراسة المستقطعة ببصمة نقدية نغوص من خلالها في الابداع من باب أقوى عناصر الجمال المدخلية فيه ...

القصيدة المعنونة ( كثر الهم ) للشاعر الزجال محمد البراقي الحسناوي ، محملة بالصور الشعرية ( من عمق التجربة الحياتية والواقع المجتمعي ) ، صور شعرية مشعة وشفافة تحركها المشاعر الجياشة الصادقة ، فالصور الشعرية في القصيدة تمزج بين التركيب العقلي والبصري والعاطفي ...

___________  المثال الأول ______________________________

صورة شعرية ذات تركيب عقلي عاطفي نسجله مع مطلع القصيدة ، والشاعر في هذه الصورة أنسن الشمعة فجعل لها لسانا يتكلم ونفسية حزينة ، فهذه الصورة شكلتها كلمات عبر تركيب لغوي هرمي ( الشمعة / الحزن / الليل ) ، يقول الشاعر :

( كثر الهم
لسان
الشمعة الحزينة
يتكلم
ضوها عليل
دمعتها حنينة
تبكي على نجوم الليل
الدموع تسيل  )

صورة شعرية هرمية ساهمت في تكوينها اللغة والعاطفة والخيال ، تصوير عقلي يجمع بين أشياء المشابهة الغائبة والحاضرة ، فاتخذت الصورة الشعرية شكلا تجريديا تراجيديا ...

_________________المثال الثاني _____________________________

وهو نوع من الصور الشعرية الكلية ، أي أنها تجمع بين ماهو معنوي وما هو مادي ، فجاءت عناصرها متداخلة تعكس تجربة الشاعر في الحياة وتأثير البيئة في الإبداع ، يقول الشاعر :

( الريح
نوض العجاج
والبحر هاج
علات في سماه لمواج
رابت الخيمة
ما بقى مبيت للدجاج )

صورة شعرية هرمية لها ثلاث مكونات ( الرياح / البحر / تهدم المنازل ) ، صورة شعرية مركبة هرمية تدعم أسباب حزن الشمعة وعلتها وبكائها ..

____________________ المثال الثالث _________________________

الصورة الشعرية الوثيقية ، ونعني بها المألوفة المعتمدة على الاحتكاك بالواقع المجتمعي ، أو سبق أليها الزجل الحديث في رسم كل ألوان الظلم والنفاق المجتمعي ، جاء في القصيدة ما يلي :

( لفقيه العالم
على قول الحق مكمم
والحكمة في القلم
قبل ما يغطس
يسول المخ يخمم
اعزل الباطل
من الصح يزمم )

________________ المثال الرابع _______________________________

الصورة الرؤيا ، وهي صيغة الذات كطبيعة كشفية مكتشفة لحقائق الأشياء ، وهي في علاقاتها الجديدة والغريبة ، يشعر من خلالها القارئ أنه أمام صيغة للعالم المرئي المحسوس والملموس لا علاقة بها ولا عهد ، يقول الشاعر :

( الشمعة حزينة
نارها قليلة
صامت الكلام
لمن تشكي
كثر الهم ، كثر الهم )

ونشير الى أن الصورة الرؤيا موجودة بكثرة في الغيوانيات والملحون والكثير من التجارب الزجلية ..

______________  المثال الخامس ________________________________

الصورة النموذج ، وهي ذات مكونات عضوية طبيعية عاقلا وغير عاقل ، وهذه الصورة للشعرية هي كالتالي :

( الذيب فرس لغنم
الزريبة خوات
والبير لحفرناه
نشف ماه وتردم )

القصيدة الزجلية ( كثر الهم ) عميقة الاحساس ، نلمس فيها خصوصية الكتابة عند الشاعر محمد البراقي الحسناوي ، فبرزت الذات المبدعة من خلال مساءلتها للذاكرة الشعبية الحية التي تختزن في ثقافتها مثل هذه الصور الحقيقية التي تحولت الى شعرية تتأمل الذات وتتفاعل معها في أدق جزئيات الواقع وسواده وبياضه .

_________________________________________________________________عبدالرحمن الصوفي / المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق